إصلاح المرفق العمومي في خدمة التنمية الترابية
- 232 الإجابات
- 2 تفاعلات
- 232 مشاركون
محتويات الاستشارة
نتائج الاستشارة المواطنة حول موضوع التنمية الترابية
في إطار إنجازه لرأي حول موضوع "من أجل تنمية دامجة ومنسجمة للمجالات الترابية : مداخل التغيير الأساسية"، أطلق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ما بين 10 مارس و7 أبريل 2023 استشارة مواطنة على منصته الرقمية "أشارك" وحسابه على شبكة التواصل الاجتماعي "فايسبوك" لاستقاء آراء المواطنات والمواطنين حول الموضوع. وقد بلغ عدد التفاعلات مع الاستشارة 1317 تفاعلا، منها 1095 إجابة على الاستبيان. وتعطي نتائج هذه الاستشارة فكرة عامة عن مدى رضا المشاركين عن الإصلاحات التي همت القطاع العام خلال السنوات الأخيرة، وعن جودة الخدمات الاجتماعية المقدمة للمواطن عموما والخدمات التي تقدمها الإدارة للمواطنين على صعيد مختلف المستويات الترابية. كما أعرب المشاركون في هذه الاستشارة عن آرائهم بخصوص توزيع الاستثمار العمومي، والعوامل التي تؤثر سلبا في جودة الخدمات العمومية، وكذا التدابير الواجب اتخاذها من أجل ضمان توفير خدمات ذات جودة للمواطنين. وخلال هذه الاستشارة المواطنة، تفاعل العشرات من المواطنات والمواطنين مع الموضوع أيضا عبر نشر 232 تعليقا على الحسابات الرسمية للمجلس في مختلف شبكات التواصل الاجتماعي.
الإصلاحات التي همت القطاع العام خلال السنوات الأخيرة
ومن بين الإصلاحات التي وصفها المشاركون بغير الناجعة نجد إصلاح منظومة العدالة (56 في المائة من المشاركين)، متبوعا بإصلاح الإدارة وإصلاح المقاولات والمؤسسات العمومية (48 في المائة). كما اعتبر 45 في المائة و41 في المائة من المشاركين على التوالي أن "التنظيم الترابي المرتكز على الجهوية المتقدمة"، و"اللاتمركز الإداري" يشكلان إصلاحين غير ناجعين.
توزيع الاستثمار العمومي
عموما، يعتبر غالبية المشاركين أن توزيع الاستثمار العمومي غير متوازن. إذ يرى 92 في المائة منهم أن ثمة عدم توازن في توزيع الاستثمار العمومي بين مختلف الجهات. بل إن 90 في المائة منهم يشيرون إلى غياب التوزان في توزيع الاستثمارات داخل الجهة الواحدة. كما يشكل توزيع الاستثمار العمومية بين القطاعات مبعث انشغال قوي لدي المشاركين، إذ يعتبره 89 في المائة منهم غير متوازن. في المقابل، لا تتجاوز نسبة المشاركين الذين يعتبرون توزيع الاستثمار العمومي بين القطاعات توزيعا متوازناً 10 في المائة من مجموع المشاركين.
الخدمات الاجتماعية المقدمة للمواطنات والمواطنين (الصحة، التعليم، الأمن...)
تُبرِز نتائج الاستشارة المواطنة أن غالبية المشاركين (93.86 في المائة) غير راضين عن الخدمات الاجتماعية المقدمة للمواطنات والمواطنين. وفي هذا الصدد أعرب 98.42 في المائة من المشاركين عن عدم رضاهم عن خدمات الصحة، فيما نجد أن 94.42 في المائة غير راضين عن خدمات التعليم. وفي المتوسط، أعرب 20.66 في المائة فقط عن رأي إيجابي بخصوص خدمة عمومية معينة. فبخصوص الخدمات التي نالت رضا المشاركين، يأتي الأمن في المقدمة (54.56 في المائة) متبوعا بالبنيات التحتية والتجهيزات العمومية (25.81 في المائة) والنقل (25.25 في المائة).
نسبة الرضا عن الخدمات العمومية المقدمة
عبر 83.56 في المائة من المشاركين عن عدم رضاهم عن جودة الخدمات العمومية. وعلى رأس الخدمات التي لا تحظى برضا المشاركين، نجد الإنصاف في التعامل مع مطالب المواطن(ـة) (93.69 في المائة)، آجال معالجة الملفات الإدارية (88.69 في المائة)، الاستقبال في شبابيك المرافق العمومية (86.07 في المائة). كما أعرب المشاركون عن عدم رضاهم عن جهود تبسيط المساطر الإدارية (79.89 في المائة). أما رقمنة الخدمات العمومية، فقد حظيت بنسبة رضا بلغت 33.36 فقط.
الخدمات المقدمة من لدن الإدارة للمواطنات حسب مختلف المستويات الترابية
يرى المشاركون في الاستشارة أن الخدمات التي تقدمها الإدارة للمواطنات والمواطنين بمختلف المستويات الترابية تطرح مشاكل حقيقية، مبرزين الحاجة إلى تدبيرها بشكل أمثل وتحسينها على جميع الأصعدة. وتعتبر الخدمات المقدمة على الصعيد المحلي أكثر الخدمات التي لا تحظى برضا المشاركين (72.27 في المائة)، تليها الخدمات المقدمة على الصعيد الإقليمي والجهوي (68 في المائة)، في حين تبقى نسبة المشاركين غير الراضين عن الخدمات المقدمة على الصعيد المركزي في حدود 57.6 في المائة. من جهة أخرى، جاءت نسب المشاركين الذين أعربوا عن رضاهم عن الخدمات المقدمة متقاربة جدا بين المستويات الترابية الأربعة : المحلي (25.91 في المائة)، الإقليمي (24.43 في المائة)، الجهوي (18.92 في المائة) والمركزي (26.58 في المائة).
العوامل التي تؤثر سلبا على جودة الخدمات العمومية
وبخصوص العوامل التي تؤثر سلبا على جودة الخدمات العمومية المقدمة للمواطنات والمواطنين، تأتي الموارد البشرية على رأس اللائحة، حسب 54.69 في المائة من المشاركين، تليها المساطر الإدارية (37.62 في المائة). أما بالنسبة للموارد المادية فيعتبرها 7.69 في المائة فقط من المشاركين عاملا يؤثر سلبا على جودة الخدمات العمومية.
لقد تضمنت غالبية تعليقات المواطنين تقريبا، المعبر عنها حول الموضوع على حسابات المجلس بشبكات التواصل الاجتماعي، والتي بلغ عددها 232 تعليقا، مقترحات لتدابير من شأنها الارتقاء بجودة الخدمات العمومية. وعلى رأس تلك التدابير نجد تعزيز المراقبة والإعمال الفعلي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز الإطار القانوني وجعله أكثر ملائمة وضمان فعليته.
ومن بين التعليقات التي وردت في هذا الخصوص، نذكر ما يلي : "ستبدأ الأمور في التحسن بالإدارات، عندما نرى رأي العين الإعمال الفعلي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة"، "إن جعل المحاسبة أولوية كبرى أمر ضروري من أجل إعادة بناء الثقة وضمان مساواة الجميع أمام القانون. فمن الضرورة بمكان إرساء الشفافية التامة في ما يتعلق بتدبير أموال دافعي الضرائب، حتى يكون بمقدور كل مواطنـ(ـة) أن يفهم كيفيات وأوجه إنفاق الموارد المالية العامة ونتائج ذلك على أرض الواقع. ومن ثمة فإن كل الجوانب الأخرى ستتحسن وتسير في الاتجاه الصحيح".
ويأتي تعزيز الموارد البشرية في المرتبة الثانية ضمن الآليات التي اعتبرها المشاركون شرطا أساسيا لتحسين جودة الخدمات العمومية. وقد سلطوا الضوء في هذا الصدد على جملة من الجوانب التي تهم على الخصوص التكوين، والتكوين المستمر، والوضعية المادية للموظفين العموميين، وظروف اشتغالهم وآليات تحفيزهم.
وفي هذا الإطار أكد المشاركون على ضرورة ضمان ملاءمة مؤهلات ومعارف الموظفين لطبيعة المناصب التي يشغلونها.
وتأتي بعد ذلك الرقمنة وتبسيط المساطر كآلية للنهوض بالخدمات العمومية، بحيث دعا المشاركون إلى ضرورة إرساء مسلسل رقمنة حقيقي وعميق، مع الحرص على خلق الانسجام بين مختلف مساطر وعناصر المنظومة، وضمان ملاءمة وفعلية المعايير والقواعد التي سيتم وضعها.
ويتجلى هذا التوجه من خلال تعليق أحد المشاركين، والذي جاء فيه ما يلي : "إن التحدي الأساسي الذي يتعين على المغرب رفعه اليوم، هو تجاوز اشتغال عدد من الفاعلين وفق سلطتهم التقديرية الخاصة دون مواكبة التطورات التشريعية. وكمثال على ذلك، كون وزارة الداخلية ألغت العمل بالعديد من الوثائق الرسمية مثل شهادة الحياة أو شهادة الاحتياج أو شهادة عدم العمل. لكن، رغم ذلك، لا تزال وزارة العدل تصر على اشتراط تقديم شهادة الاحتياج للاستفادة من المساعدة القانونية، كما تطلب الجامعات الإدلاء بشهادة عدم العمل مصحوبة بالوثائق مصادقة عليها".
وقد سلط عدد من التعليقات الضوء على أن نجاح ورش إصلاح المرفق العام يظل رهينا بتوفر إرادة سياسية قوية، وبتسريع إصلاح منظومة الحكامة في شموليتها. ويظهر هذا التوجه بجلاء في التعليق التالي : "لا يمكن أن يكون هناك إصلاح ببلادنا بدون توفر إرادة سياسية قوية وصادقة لدى أصحاب القرار"، "قبل تناول موضوع إصلاح الإدارة، ينبغي إعادة النظر في تصورنا للمواطنة، والدولة والسياسة والانتخابات والديمقراطية والاقتصاد، كما أن إصلاح الإدارة يقتضي إصلاح المشهد السياسي والإعلامي، وتخليق الحياة الاقتصادية والسياسية. بالإضافة إلى ذلك، يجب اعتبار التعليم رافعة أساسية من أجل تحقيق التقدم، لا سيما في مجال الصحة وباقي القطاعات المهمة".
التدابير المقترحة من أجل مرفق عمومي ذي جودة ودرجة أهمية كل واحد منها
خلال فترة الاستشارة المواطنة حول إصلاح القطاع العام في خدمة التنمية الترابية، همت غالبية التعليقات تبسيط المساطر الإدارية، والموارد البشرية المؤهلة، وإصلاح قطاع الصحة، ورقمنة الخدمات العمومية، بما في ذلك توظيف التكنولوجيات الكفيلة بنزع الطابع المادي عن التعاملات الإدارية من أجل تقليص ممارسات الفساد في المرافق العمومية.
من جهة أخرى، وحسب المشاركين، فإن إصلاح القطاع العام يقتضي بالضرورة تعزيز استقلالية القضاء، ودمقرطة الحقل السياسي وتخليق الحياة العامة. كما شدد عدد منهم على أهمية المدرسة، مشيرين إلى أن نجاح أي إصلاح للقطاع العام يرتبط ارتباطا وثيقا بإصلاح قطاع التعليم.
كما يعتبر المشاركون أن إصلاح القطاع العام يجب أن ينكب أولا على إصلاح هياكل الدولة مركزيا (القطاعات الحكومية، المؤسسات العمومية،) قبل الانتقال إلى إصلاح هياكل الدولة على الصعيد الترابي (الوالي، العامل، إلخ)؟
وقد سلط المشاركون الضوء على بعض التدابير التي يرون أنها تعتبر عوامل أساسية كفيلة بالمساهمة في إصلاح القطاع العام. وتهم على الخصوص :
- إعادة التفكير في المنظومة القضائية والحرص على فعلية القوانين
- تعزيز الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة
- الحد من وضعيات الريع والامتيازات، من أجل ترشيد استعمال المال العام
- تقليص حظيرة سيارات الدولة وترشيد استعمالها من خلال توظيفها فقط خلال ساعات العمل (منع استعمال سيارات الدولة خارج أوقات العمل)
- التفاعل مع شكايات المواطنين وتسريع البت في قضاياهم المعروضة على المحاكم
- تعزيز المراقبة وربط المسؤولية بالمحاسبة على مستوى المصحات والمدارس الخاصة التي تؤثر تكاليفها، المرتفعة في الغالب، على القدرة الشرائية للمواطنين بشكل كبير جدا
- إصلاح منظومة الوظيفة العمومية وبلورة استراتيجية لتكوين ومواكبة الموظفين
ويرى بعض المشاركين أن إصلاح القطاع العام يرتبط ارتباطا وثيقا بأخذ العنصر البشري بعين الاعتبار، إذ يعتبرون هذا الأخير حلقة أساسية في مسار تنفيذ أي برنامج إصلاحي. ومن التدابير التحفيزية التي اقترحها المشاركون من أجل النهوض بوضعية الموظفين وتعزيز تطورهم الذاتي وتقوية انخراطهم في العمل وبالتالي تحسين جودة الخدمات العمومية المقدمة للمواطنات والمواطنين، نذكر على الخصوص : التكوين المستمر والدعم النفسي وتحسين الظروف الاجتماعية والرفع من القدرة الشرائية.
وأخيرا، اعتبر عدد من المشاركين في هذه الاستشارة المواطنة أن توفر إرادة سياسية قوية لدى المسؤولين، وإرساء ديمقراطية فعلية، وتعزيز مبدأ فصل السلط، وضمان المشاركة الفعلية للمواطنات والمواطنين في الشأن العام، تكتسي أهمية قصوى وتعتبر شروطا لا غنى عنها لإنجاح إصلاح القطاع العام بالمغرب.